Site icon حديقة المقالات

هذه الأمة الواعية! لن تقبل بعد اليوم أنصاف الآلهة للدكتور مصطفى السباعي

أنصاف الآلهة

هذه الأمة الواعية! لن تقبل بعد اليوم أنصاف الآلهة للدكتور مصطفى السباعي مقال آخر في سياق رأي الدكتور السباعي في احتواء الجماهير

هذه الأمة الواعية! لن تقبل بعد اليوم أنصاف الآلهة للدكتور مصطفى السباعي

نحن في كفاح مع المستعمر لا ينتهي حتى تنتهي كل آثاره في بلادنا العربية،

ومن واجبات هذا الكفاح: أن تحشد له جميع القوى والمواهب، وأن تخاض له جميع الميادين والمناسبات،

وأن لا تطغى فيه فرصة على فرصة ولا موهبة على موهبة، ولا طائفة على طائفة،

ما دام خصومنا يستغلون كل ما في الطبيعة البشرية من قوة التأثير والإغراء والخداع والمكر؛

فإن من حقنا بل من واجبنا أن نستعمل كل ما عندنا من قوى الكفاح والنضال واسترجاع الحق السليب من الحيوان المفترس،

وإذا كانت ميادين كفاحنا فيما مضى ميادين سلبية لا تعرف إلا الاحتجاج والإثارة والإضراب والمظاهرات،

وإذا فتحت لنا اليوم في حياتنا الجديدة آفاق العمل الديبلوماسي، وميادين المؤتمرات الدولية والعلائق السياسية،

فإن من الضرر البالغ بحقنا أن نقف عند هذا الحد فحسب،

وأن نغفل الناحية الشعبية التي ما برحت قوام الحركات السياسية والاجتماعية في مختلف أنحاء العالم.

الحذر من ثورة الجماهير

إن أقطاب العالم والمتحكمين في مصائره اليوم يحسبون حساباً لثورة الجماهير ونقمتهم؛

فإذا وقفت وفودنا تناضل عن حقها بالطرق القانونية والدولية، ثم كتب لها أن تخفق في الوصول إلى بغيتها،

فإن الواجب الوطني أن تثبت شعوبنا تأييدها لها، واهتياجها لإخفاقها، وتصميمها على الوصول إلى حقوقها، إن عاجلاً وإن آجلاً،

إن سلماً وإن حرباً،

حتى يكتب لها الله الفوز ولأعدائها الخذلان، ويوم تقف الشعوب هذا الموقف المهتاج،

يومئذ يطأطئ الظالمون رؤوسهم ويخففون من غلوائهم،

ويحسبون حساباً لمنافسيهم في الاستعمار، ولمصالحهم في البلاد، ولبترولهم في بطون الأرض التي فتحناها لهم وقلنا لهم خذوها هنيئاً مريئاً لقاء ثمن بخس دراهم معدودات!.

هذه حقيقة نؤمن بها نحن الشباب الصغار في أعمارنا، المندفعين في ثورتنا، المؤمنين بحق أمتنا، السائرين إلى المجد

بأعصاب لم تهن، وبعزائم لم تفتر، وبظهور لم تنحنِ حتى الآن.

حق الكبار قبل الصغار

وقد كان من حق الكبار في أعمارهم، المحنكين في تجاربهم، الذين يمنون دائماً على الأمة بأنهم قادوها إلى مواطن الظفر، أن يفهموا هذه الحقيقة قبل أن نعمل لها نحن الصغار،

وأن يسلكوها قبل أن نسلكها نحن الناشئين!..

ويومئذ لا تجيز لهم الوطنية أن يخمدوا حركات الشباب. ولا أن يهتاجوا لصراحة الأمة، ولا أن يرسلوا بطاقات التهديد،

ولا أن يقولوا نحن حكام الأمة لا يحق للشعب أن يتكلم إلا إذا تكلمنا، ولا أن يرفع صوته إلا إذا شئنا، ولا أن يعلن عزمه على الاستبسال بحقه إلا أن نأذن له بذلك.

إن الوطنية لا تجيز هذه المواقف، ولا تفهم هذه اللغة، ولا ترضى لمدعيها أن يحملوا هذا الوزر،

فإذا ركب بعض الناس هذا المركب الخشن كان من حق الأمة أن تسألهم: فيمَ تكبتون الشعور؟ وفيمَ تهددون العاملين؟

وفيمَ تغضبون من الذين يبيضون وجوه وفودكم أمام الغاصبين والظالمين؟

لقد كان الاستعمار يسلك مثل هذه السبل فكانت تنصبُّ عليه اللعنات، وتثار من حوله الدنيا،

ويكون أول الناقمين عليه هم الذين يرضون اليوم أن يقفوا مثل هذا الموقف!

فهل نسي هؤلاء تاريخهم؟

وهل نسوا خطبهم ومقالاتهم؟

وهل نسوا اجتماعاتهم ومظاهراتهم؟

وهل يكون كبت شعور الأمة حراماً على المستعمرين، وحلالاً لفريق من أبناء الأمة حاكمين أو متنفذين!.

إن الأمة لم تعد تطيق أن ترى بينها أنصاف الآلهة الذين يتمثلون بقول فرعون (أنا ربكم الأعلى)،

إنها لا تطيق أن ترى إلا خداماً لمصالحها أمناء على حقوقها، يفهمون الحكم كما فهمه عظماؤنا في عصور الخير

“إن من ولي أمر هذه الأمة لزمه ما يلزم الخادم لسيده من النصح وأداء الأمانة!..”.

أما بعد: فهذا أول سطر من تاريخ سيكتب، تبيضُّ فيه وجوه وتسودُّ وجوه.

#مصطفى_السباعي

Exit mobile version