قصة عنوانها لاجئ مقال للكاتب فرهان طايع يصور أوضاع اللاجئين وما يتعرضون له من امتهان وانعدام للأمان والحياة الكريمة ، قسوة اللجوء في عالم تحكمه قوانين غير عادلة
قصة عنوانها لاجئ
فرهان طايع
اللاجئ من يكون في نظر من يتهمونه بلجوء و كأنه ارتكب ذنب و أي ذنب هذا؟ و أي جناية هذه ؟
هل تعرفون يا سادة من يكون اللاجئ ،
هذا اللاجئ المسكين الذي لم يختر قدره بل وجد نفسه في هاته الدوامة و في هذا الكابوس الذي لا ينتهي
و قد نسى منذ سنوات أنه موجود لأنه مدفون في عالم لا مرئي ،في عالم يسأل فيه نفسه كل يوم
ماهي جنايته ليصنف في قائمة الغرباء و لكي يصبح بلا هوية و كأنه إرهابي
و كل ذنبه أنه قد أتى من بلاد فيها حرب ،
هاته الحرب التى دمرته و دمرت الملايين معه ،
دمرت المنازل و الأحلام و التاريخ و الماضي و حتى الوعود أصبحت بلا مواعيد
و حتى الأحلام أصبحت مع تأجيل التنفيذ لأجل مجهول و حتى الأحباب قد تفرقوا و لم تعد مائدة واحدة تجمعهم ،
كل شئ اندثر ثم يقولون لاجئ و غريب، هذا اللاجئ أصبح غريب عن نفسه و ليس عن عالم البشر
لأنه قد نسى أنه على قيد الحياة و هو يشاهد في شبح الموت ملايين المرات في اليوم الواحد
و هو عاجز عن توفير أبسط الأشياء
لا آكل و لا غطاء و لا مسكن و لا أمان و لا كرامة و لا تعليم و لا صحة و لا شئ
حتى الباب المغلق أصبح حلم ،كوابيس لا تنتهي و ظلم لا يوصف و عجز تجاوز كل الحدود
هؤلاء بالمختصر لاجئين المخيمات من فقدوا الإحساس بهذا الوجود ،
لا يجدون الدفء في الشتاء و لا البرد في الصيف و لا الاطمئنان في الليل و لا العمل و التعليم في النهار و لا شئ من معاني الحياة ،
ليست حياة في نظر اللاجئ إنما جحيم بأتم معناه
قسوة اللجوء
اللاجئ هرب من الظلم ليجد ظلم أسوء و بطريقة مؤلمة جدا حيث أصبح كأنه غريب ،
اللاجئ الذي أصبح في نظركم غريب و هو من ترك كل شئ ماضيه ،حاضره ،مستقبله ،طفولته،عائلته ،حبيبته و كل شئ جميل في حياته
حتى ذكرياته و منزله كل شئ ،حتى الابتسامة أصبحت دموع
و صدقه في نظرهم أصبح خيانة من هو الخائن في نظرهم و كيف أصبحت المفاهيم في نظر عديمي الإنسانية
هل لنا أن نشعر بمعاناة أطفال المخيمات أطفال فقدوا كل معاني الطفولة ،
يكابدون اليوم بجهد و قوة لا تتحملها أعمارهم الصغيرة جدا و الضعيفة جدا ،
أصبحت يا عالم مجرد لعبة حلم بالنسبة إليهم ،أصبح الحصول على الأكل حلم لهم ،
أصبح حلمهم فقط القليل من الدفء في الشتاء و القليل من البرد في الصيف ،
و مجرد ملابس قديمة ، و بعض الأمان لأن الأمان على صحراء المخيمات معدوم و جرائم لا تحصى و لا تعد تحدث لهم من اغتصاب و إعتداء و الكثير من الأشياء التي لا يتوقعها العقل
تبكي كل ليلة كل أم على ابنتها و لا يمكنها فعل شئ و يتمزق الأب وجعا على حال أطفاله و يشعر بالضعف و العجز و لا يمكنه حتى أن يوفر لهم و لو القليل من السعادة و الأمان
هنا صحراء المخيمات ،
هنا الأطفال محرومون من كل شئ حتى من التعليم و الصحة يدفنون طفولتهم كل يوم ،
هنا الذئاب المفترسة و الوحوش التى تصطاد فرائسها ،هنا الفقر و الخصاصة و الجوع و الذل و الموت حتى الموت يكون بلا كرامة لأنه لا توجد قبور لكي يدفنوا
هنا كل شئ يعجز العقل عن وصفه ،هنا القلوب الممزقة ،و الجروح التى لا تشفى و الألم و العجز و الضعف و الهوان و الإهانة و الذل ،
هنا الأحلام المدمرة و الماضي الذي لن يعود و المستقبل المعدوم
لا هم أحياء و لا أموات
هذه يا عالم قصة اللاجئين على المخيمات عندما أشاهد وضعهم أكره نفسي عندما اتذمر على أشياء ليست لها قيمة مقارنة بوجع الملايين حول العالم
ماهي مشاكلنا أمام مشاكل هؤلاء الناس الذين لا يمكنهم حتى التحكم في حياتهم و لا في مسارهم ،لا هم أحياء و لا أموات
عندما نجد الأكل فلنحمد الله لأن غيرنا لا يجده ،
عندما نجد الأمان فلنحمد الله غيرنا يا عالم يعيشون في الرعب و الإرهاب في المخيمات ،
عندما نجد أبسط الأشياء من كهرباء و ماء و مسكن و غطاء فلنحمد الله لأننا محظوظين لأن غيرنا يا عالم أصبحت هاته الأشياء التافهة في نظرنا أمنية لهم و لم تتحقق
نحن في عالم لم يتعلم أن يشعر بغيره في عالم أناني يتمنى ما هو أفضل دائما ،
طموحه في السيطرة و الامتلاك لا متناهي بينما الكثيرين لا يجدون حتى الأمل و النور يعيشون في سجن
بدون حتى مفتاح يفتح و لا موعد لتنفيذ الحكم فيهم و لا حتى أمل في إشراق شمس العدالة
لأن حياتهم أصبحت مثل الكهوف المظلمة التى لا ترى الشمس أبدا و لا تنظر لنجوم لأنها بعيدة جدا
قوانين العالم غير عادلة
آسفي على الإنسانية التى انعدمت و الرحمة التى اختفت و حلت محلها القسوة ،
القلوب أصبحت مثل الحجر ،حتى قوانين العالم غير عادلة و غير متكافئة
لأن البشر تعلموا فقط سياسة الظلم و الأنانية و التفكير بمنطلق الأنا و إقصاء الغير ،
اكتب يا تاريخ في القرن 21 أشخاص يأكلون في أوراق الأشجار و يموتون من المجاعة
و في المقابل أشخاص يبذرون في الأموال على الراقصات بينما غيرهم يموت كل يوم في حالة يرثى لها في اليمن و سوريا و العراق و غيرها
قصص تكتبها الدموع و الدماء و ليس ريشة القلم
في عصر غابت فيه اللحمة و غاب التضامن ،في عصر صرخات الضعفاء غير مسموعة ،
في عصر أصبح طباع البشر مثل الحجر
هربوا اللاجئين من بلادهم التى شاهدوا فيها كافة أنواع الظلم على أرضهم من تعذيب و ذبح و تنكيل و اغتصاب لبناتهم و زوجاتهم و لأرضهم
ليجدوا الأسوء ينتظرهم على مخيمات الصحراء ،
في كل مكان يوجد لاجئين فقدوا أوطانهم و سعادتهم و معنى وجودهم و اكتشفوا أنه لا توجد قوانين تحميهم
و لا يوجد حتى قانون الإنسانية لينصفهم
هذه قصة اللاجئين من واقعهم المؤلم ،
كانوا يملكون منازل و أمل لكنهم فقدوا كل شئ في الحرب حتى العيش بكرامة أصبح مجرد حلم
فرهان طايع