إبداع العقل العربي … آينه ؟ بقلم محمد ميسر الجنابي ، ولا يخفى علينا أن الدول العربية تنادي بالحرية لكن لا تطبق دستورها على أرض الواقع،
إبداع العقل العربي … آينه ؟؟؟
محمد ميسر حسن الجنابي
كان العقل العربي بأوجه ازدهاره وسباقاً نحو الكثير من المعرفة والعلم في فترة الحضارة العربية الإسلامية وهذا ليس بجديد، لكن ماذا حدث بعد ذلك؟ وكيف انحدر مستوى الإبداع لدى العرب؟.
هناك العديد من الاسباب تقف خلف هذا التراجع والانحطاط ومنها :
الغزو الثقافي الذي يتجلى في حملات وسائط الإعلام الموجهة للتأثير على العقول وتوجيهِها نحو ما تريد الدول أو الجهة المسيطرة.
الحروب الخارجية والبينية والاهلية، ومنها الحروب مع إسرائيل (الكيان الصهيوني) فضلاً عن محاولاتها اليوم لتهجير الشعب العربي الفلسطيني،
ومن تلك الحروب، الحروب الأهلية التي قامت في العراق واليمن ولبنان،
وثورات الربيع العربي التي ما زلنا نعيش واقعها الى الان،
والواضح تمام أن النتائج النهائية لتلك الحروب والثورات كانت كارثية على الامة العربية،
فهي أشغلت الشاب العربي في أمور رجعية متخلفة تتبع لطائفة أو لفئة أو لقبلية على أخرى.
عمليات الهجرة الطوعية والاضطرارية التي تعصف بالعقول المبدعة، حيث تحدث هذه الهجرة يومياً وتطول كافة الشرائح السكانية،
والسبب في ذلك هو فقدان المناخ المناسب للعمل في ظل بيئة لا تشجع على الابداع ولا تهتم به ويغلب عليها طابع الفئوية والانحياز.
عمليات التهجير الجماعية التي شردت الملايين والتي كانت منذ حرب فلسطين مع اسرائيل الى اليوم في تهجير السوريين والعراقيين بسبب حروب مصطنعة غير مبررة،
فضلاً عن ظهور الجماعات الارهابية المتطرفة.
أنظمة الحكم الغير كفوءة والتي استمرت في الحكم منذ حصول معظم البلدان العربية على استقلالها،
وهو ما زرع الاحباط في نفوس مثقفي ومفكري هذه الدول.
الدول العربية تحول دون استثمار المواهب بالشكل المناسب، حيث لا توجد حوافز مادية ولا معنوية،
إضافة إلى ثقافة تنظيمية ليست مبنية على الإبداع بل تقوم على تحييد الأفراد المبدعين.
المعضلة التي تواجه الابداع
ولا يخفى علينا أن الدول العربية تنادي بالحرية لكن لا تطبق دستورها على أرض الواقع،
فالإنسان العربي أسير الأنظمة العربية المضطهدة، التي إذا ما حاول أن يظهر أفكار ثورية نيرة لتحرير العقول،
حتى يتعاون على قمعه ورفضه وإلغائه من قبل السلطة الحاكمة والمجتمع الأسير لهذه الأنظمة.
ولقد جاء في أزمة التطور الحضاري للوطن العربي، أن العقل العربي سجين سلطات متعددة تتعاون وتتفاعل للتأثير المركب على طريقة تفكيره
ثم على سلوكه وتصرفه ونظرته إلى الأمور. ومنها:
العقل العربي سجين للسلطة الحاكمة.
العقل العربي سجين ضرورات وحاجات الجسد اليومية من غذاء ودواء وبحث عن عمل يعيله وأسرته .
العقل العربي سجين قَهره الاجتماعي الذي يفرض عليه أن يفكر ويتصرف ويسلك تبعاً لمستلزمات ومحددات ومسلمات العقل المجتمعي السائد .
العقل العربي سجين خلافاته الدينية والمذهبية والطائفية.
إن المعضلة التي تواجهها الامة العربية او البلاد الاسلامية،
لا تتعلق بالأوضاع السياسية وتحرير الأَرضِ بقدر ما ترتبط ارتباطاً مباشراً وغير مباشر بتحرير عقل الانسان العربي أَو تحرير عقله من القهر الخارجي والداخلي السياسي والاجتماعي
الحلــول المقترحة
أن البيئة الأنسب للإبداع، هي البيئة التي توفر الحرية والديمقراطية والتيسير والمرونة والتحفيز والقبول،
وعدم تواجد هذه العناصر يأخذ العقول في اتجاه معاكس بعيداً عن الإبداع نحو الإتباع.
وبما أن الدور الحكومي والمؤسساتي غائب أو مغيب عن تبني الافكار الابداعية والاشخاص الموهوبين،
لذا ينبغي على الاسرة ان تلعب هذا الدور وتعمل على تنمية وتطوير المواهب أبنائها، لان الاهتمام الاسري سوف ينعكس ايجاباً على تطوير المجتمعات العربية
وسيزيد من الاصوات المبدعة والتي من خلالها يمكن بناء مجتمعات فعالة وكفوءة.
ويتم ذلك من خلال :
زيادة وعي الأسر نحو التربية القائمة على الديمقراطية ومنح الأطفال قدراً من الحرية بعيداً عن التسلط في التربية،
بالإضافة الى توجيه الأسر نحو تمييز الأطفال المبدعين والاهتمام بهم وتوجيههم.
التركيز على المواهب الفردية وجعل الفرد في خدمة المجتمع.
توجيه النظام التعليمي نحو التجربة والاستكشاف والتوجيه بعيداً عن التلقين في الدراسة.
إدراك أن تقدم وتطور الأمة العربية لن يحصل إلا بالإبداع الذي لن يحصل إلا بخلق البيئة المناسبة له.
محمد ميسر حسن الجنابي