فوائد عامة في التربية .. من تنبيهات الطنطاوي على مسيرة التعليم
سابعاً : فوائد عامة .
الهمزة في أول الكلمة لا تكون إلا على الألف ، أما التي تجيء في وسطها ، وتجيء المشكلات منها . فقاعدتها هي :
أن أقوى الحركات الكسر ، ثم الضم ، ثم الفتح ، فإن كانت الهمزة مكسورة ، أو كان ما قبلها مكسورا ، كتبت على نبره ، أي على سن .
فإن لم يكن كسر وكان ضم وفتح ، كتبت على واوا ، وإن كانت مفتوحة فعلى ألف ، إلا إن كان قبلها ياء مثل (هيئة) فتكتب على سن .
والهمزة في آخر الكلمة تتبع حركة ما قبلها ، فإن كان ما قبلها ساكنا وضعت على السطر وحدها . في هذه الجمل المعدودة خلاصة شاملة عن كتابة الهمزة في وسط الكلمة .
لا أعرف أمة في الدنيا يجهل أبناؤها لسانها جهل أبناء العرب بلغة العرب .
إني لأكاد أسمع اللحن المنكر والخطأ الفاحش في كل مكان ، وأراه يمشي على كل لسان ، حتى من نعدهم من كبار الأدباء . لاسيما إن قرؤوا نصا مرويا .
ولو عملتم مسابقة بين الأدباء في قراءة صفحة واحدة بلا غلط ولا تسكين أواخر الكلمات من كتاب أدبي ككتاب البيان والتبيين مثلا ، أو أمالي أبي علي القالي ، أو كامل المبرد ، وجعلتم لذلك جائزة ما نالها إلا القيل .
(ذكريات – 8 – صفحة 245
* * *
ودعوا المناقشة بينكم في الأمور الاجتهادية ، ومالا جدوى منه ولا نفع فيه ، فلقد ضاع من وقت هذه الأمة ومن تفكير أبنائها .
ما لو أنفق بعضه في العلم النافع لسبقنا به في طريق الحضارة سبقا بعيدا ، وما دام أمامنا عدو واحد هو الكفر البارز والمستتر ، والفجور الظاهر والباطن ،
فلنحارب هذا العدو أولا ، ولنصمد له جميعا ، ولندع الخلاف بيننا معشر أهل الدين إلى ما بعد ذلك .
ولا يبلغ بنا ضيق الفكر وقصر النظر ، أن نجعل همنا كله توافه الأمور .
(فصول إسلامية صفحة 248، 249)
* * *
وملاك الأمر كله أن يكون منكم فرق كفرق الجيش ، كفرقة للعلم والانقطاع إلى كتبه ن وفرقة لدعوة المسلمين إلى الرجوع إلى دينهم ، وفرقة لدعوة غير المسلمين ، وفرقة لمحاربة الدعارة والمذاهب الضالة ، وفرقة للعمل في التشريع الإسلامي .
وثقوا بأن المستقبل لنا ، للإسلام ، إن العالم اليوم على فم البركان ، والناس صفان يتباريان أيهما يسبق فيحمل إلى الدنيا الموت والخراب ،
ولا أمل إلا بكم ، بشباب المسلمين ، فإن لم تحققوا الأمل ، يستبدل الله بكم قوما غيركم ، أمة حية ترفع راية الإسلام ، ونبقى نحن لا دنيا ولا دين .
ولن يكون ذلك إن شاء الله أبداء ، لن يكون وفينا الصالحون المصلحون ، والعلماء العاملون . .
(فصول إسلامية صفحة 250، 251))
* * *
إن الفرنسيين كانوا أشد عناية بلغتنا ، وأحرص عليها ممن جاء بعدهم .
وهذا حق ، ولكن ليس الفضل لهم فيه وإنما لأولئك الغير (جمع غيور) على العربية ، الذين كانوا يدفعون الفرنسيين إلى العناية بها ويخوفونهم عواقب إهمالها ، وكانوا يصنعون ذلك حبا بها ودفاعا عنها ، وحفاظا على القرآن الكريم الذي أنزل بها .
وتمشي اليوم على الألسنة كلمات صارت ملكا للناس جميعا ، وعدت من اللغة العامة ، وأنا أعرف تاريخ الكثير منها ، وشهدت مولده .
فكلمة “عبقرية “ممن وضع الشيخ عبد القادر المغربي ترجمة لكلمة “حيني” الفرنسي، وكلمة فيزياء ، وكلمة حيوانات برماية من وضع التنوخي ، وكلمة “عفوي” ترجمة للفظ الفرنسي “سيونتانت” من وضع سليم الجندي ، وفي مصر يقولن “تلقائي” بدلا من عفوي .
وكلمة “هاتف” للتلفون وسيارة ودراجة ، وضعت في أوائل النهضة العربية . وكان أسبق البلاد إلى هذا التعريب الشام أي سوريا ، ثم العراق ثم حمل العبء الأكبر مجمع اللغة العربية في القاهرة .
وكان في مجمع دمشق أوائل العهد بالانتداب الفرنسي لجنة دائمة لتعريب المصطلحات والأسماء .
واذكر أن شيخنا المبارك مرت معه في الدرس إحدى هذه الكلمات ، فلم نتنبه لها ،
فقال : إن هذه الكلمة كلفت الدولة مئة ليرة . يوم كانت مئة الليرة راتب وكيل وزارة . .
(ذكريات – 5 صفحة 265، 266، 267) .
#علي_الطنطاوي .. فوائد عامة في التربية