جميع الكائنات الحية تنام وتحلم كلاانسان والحيوان والطيور، وقبل أن يتم اكتشاف ذلك النوع من النوم الذي تصحبه حركات سريعة صادرة عن العينين (نوم الحركات السريعة للعينين REM) لم يكن بالإمكان دراسة الأحلام إلا بأن نطلب من مجموعة من البالغين وصف أحلامهم بعد أن يفيقوا من نومهم كل صباح.
فلما تبين لنا إن قسطاَ كبيرا من نوم الحركات السريعة للعينين يقضيه المرء في الأحلام، وجدنا اننا فهمنا كثيراَ عن الاحلام
وبذلك تحول هذا الموضوع الغريب الذي ظل فيما مضى حكرا على عدد قليل من المختصين بين يوم وليلة إن جازالتعبير، وأصبح مجالا جديدا للأبحاث، ومجالا يمكن أن تتم دراسته بالمناهج العلمية.
العصر الحديث وفهم اكثر عن الاحلام
وقد أفاد هذا التطور أكبر الإفادة بعد أن أصبح في الإمكان لأول مرة أن نحصل من الناس على رواية أو سرد لأحلامهم بعد أن تنتهي عملية الحلم مباشرة وبذلك سهل علينا هذأ الأمر تفسير الأحلام وأستخدام الكثير من المراجع مثل كتاب ابن سيرين والنابلسي.
لقد كان كثير من الناس يظنون أنهم لم يخبروا شيئا من الأحلام على الإطلاق أو أنهم لا يحلمون إلا نادرا.
هؤلاء الناس أدهشهم من بعد ذلك أن يتبينوا أن كل واحد من الناس يحلم عدة مرات في كل ليلة.
كما أن بعض المشاكل التي كانت تؤدي إلى مناقشات حامية مثل تلك التي تتصل بطول الفترة الزمنية التي يستغرقها الحلم أصبح الآن من الممكن التصدي لحلها عن طريق إجراء التجارب.
قصة واقعية تؤكد ان الواقع يؤثر على الاحلام
إننا كثيراً ما نقع في الكتابات القديمة عن الأحلام على فرض مؤداه أن الأحلام حتى الطويلة منها إنما تقع حقا في غضون أجزاء أو كسور من الثانية.
ولعل بعض تقارير الأحلام تدعم فيما يبدو هذا القول، وذلك كما نجد في الرواية التالية لحلم يصفة عالم النفس الفرنسي الذي عاش في القرن التاسع عشر جاك ( Jack ) وذلك كما رواه سيجموند فرويد ( Sigmund ( Freud
“كان مريضا يرقد في غرفته على السرير، وأمه تجلس إلى جواره، ثم حلم بأنه يعيش في حكم الفزع (بداية الثورة الفرنسية). وبعد أن شهد من مشاهد القتل المرعبة، وجد نفسه أخيراً يساق أمام محكمة الثورة، وهناك شاهد روبسبير ( Robespierre ) ومارات ( Marat ) وفوكييه-تينفيل Fouquier-Tinville) ) وبقية العصبة المفزعة من أبطال تلك الحقبة الرهيبة. وقد جعلوا يستجوبونه أو يحققون معه،
ثم إذا به بعد عدد من الوقائع التي لم تحتفظ بها ذاكرته، يواجه بالإدانة ويساق إلى ساحة الإعدام تحيط به جماهير غفيرة من الدهماء. ويصعد المنصة الخشبية ويحكم وثاقها إلى الأخشاب ذلك الرجل الموكل بالإعدام.
ثم يهوى نصل المقصلة. ويشعر بان رأسه قد انفصلت عن جسده، ويفيق في قلق شديد ويجد أن الجزء الأعلى من السرير قد هوى فوق فقرات العنق من جسمه في ذلك الموضع بالذات الذي ينزل فيه نصل المقصلة على رقاب من يحكم عليهم بالإعدام 4 ) .” )
رواية كهذه توحي بان واقعة خارجية سقوط ذلك الجزء من السرير الذي كان جاك ينام فيه-استثارت هذا الحلم عنده، وأن هذا الحلم لابد أنه لم يستغرق غير بضع ثوان، وبصورة تراجعية من الناحية الزمنية، إن جاز هذا التعبير، بحيث أن النهاية هي التي تحدد البداية.