هل أنت سعيد مقال للكاتبة أ.نعمة علي ، ما السعادة التي يجب أن نبحث عنها ونتحلى بها، كيف السبيل إليها في ظل الكآبة العارمة التي تجتاح الأنفس الصغيرة قبل الكبيرة؟
هل أنت سعيد ؟
أ. نعمة علي
يدور في خلدي سؤالاً أشعر بالحيرة في كيفية الاجابة عليه،
ليس لأني أهرب من الجواب بل لأن الاجابة ستكون مضطربة ، ناقصة، ورتيبة.
وربما وجدت الاجابة الشافية، ولكني بحاجة للصبر لأرتبها وأسردها بطريقةٍ تجعلها كافيةً ووافية كما يتطلب الأمر.
هل نحن سعداء بل هل نحن حقًا أحياء كما نسمي أنفسنا؟
ما السعادة التي يجب أن نبحث عنها ونتحلى بها،
كيف السبيل إليها في ظل الكآبة العارمة التي تجتاح الأنفس الصغيرة قبل الكبيرة؟
للسعادة أبوابٌ ونوافذ ولها مسالك ودروب قد نراها لكننا نهرب منها وقد لا نراها لأننا لا نريد أن نراها.
مذ خلق الله البشرية والانسان في بحثٍ دائم عما يريح نفسه ويجعله ينعم بالسلام والسعادة،
ولحسن الحظ ان الانسان بيده يستطع أن يسعد ويفعل ما يحلو له.
كثير منا إذا سألتهم ما معنى السعادة برأيك وكيف وأين تجدها،
يجيبون بطرق مختلفة وبآراء متعددة وكلها وإن اختلفت فالهدف واحد وهو السعادة.
إن الحياة وإن كانت لا تعجبنا فمن نتاجها السعادة كما التعاسة ولا غريب في هذا ولا دائم لحالٍ من الأحوال.
نحن من يختار ما يجعلنا في قمة السعادة والأفراح والعكس صحيح،
فإذا تركنا التشاؤم والنفور لبرهة لوجدنا السرور يغمرنا ليل نهار. فكيف ذلك؟
ما أن ننظر للأمور من زوايا متعددة بدلًا من احتكارها في رؤية ضيقة وغير واضحة
بل قاطعةً لكل سبيل إلى الأمل والتفاؤل.
هل تعرف لماذا؟
لأننا نرى في السلام استسلاما، وفي الحب ضعةٌ وورطة، وفي التغيير تهديدٌ ووعيد،
وفي الاختلاف نفورٌ واشمئزاز، لماذا لا نختار ما يجعلنا مرتاحي البال بدلًا من محاولة التعلق بكل شاردةٍ وواردة؟
لماذا لا تسأل نفك وما شأني بذاك أو ذاك ؟ لماذا لا نبحث عن الراحة والسلام فحسب
لماذا لا ندع الناس في حال سبيلهم بلا فضولٍ أو تطفل؟
لماذا لا نختار الأشياء التي نحبها بإرادتنا لا إرادة غيرنا؟
وحده الالتفات لأنفسنا يجعلنا سعداء، راضين، وفي الحياة متماشيين مع أقدارنا.
كلما فسرت الأشياء بالأشياء نفسها دون تدخل تأويلك وتصرفاتك ستسعد ما حييت.
انتقاؤك للأشياء التي تجعلك سعيدًا
إن انتقاؤك للأشياء التي تجعلك سعيدًا وحيًا كما يجب هي مهمة بالغة الصعوبة،
لكنك بهمتك ستعقد العزم من أجل التغيير.
أترك أولئك الذين لا يضيفون لحياتك سوى الحزن والتردد،
أهجر الأشياء التي لم تستفد منها يومًا فيهي تستنزف وقتك وجهدك دون مردود،
ارحل من الأماكن التي تشعرك بأنك عبء وضيق، جاهد من أجل سعادتك فحسب.
سخر كل شيء تملكه من أجل راحة نفسك وسعادتها،
لا أحد يهتم بسعادتك مهما ادعوا ذلك ولا أحد تهمه أمورك مهما نافقوك أمامك.
لا أدعوك لأن تكون وحدك بلا مشاركة للآخرين بل أقول لك غيّر من أجل نفسك ،
غيّر محيطك، أسلوبك في العيش، طريقة تعاملك مع الحياة، نظرتك، ملبسك ومأكلك، انصف ذاتك وأجعلها سعيدة.
قد يرى البعض أن في كلامي مثالية مفرطة، والحق أني لا أرى ذلك.
ما أدعوك إليه هو الالتفات لجوانب أخرى،
أعلم أنه قد يكون من الصعب جدًا أن يكون المرء أبد الدهر سعيدًا راضيًا عن نفسه وعن حياته بعمومها،
ولكن لا بأس في أن تكون هنا وهناك،
أن لا تهمل كل جوانب حياتك،
أن تركز في ما يريحك، ففي النهاية هذه هي الحياة، ساعة وساعة.
والواعي الحقيقي هو من لعب مع الحياة لعبتها دون ملل
لأنها وببساطة تلعب وفق قواعدها التي لا مناص منها فجارِها في لعبها وكن راضًا تعش سعيدًا.
تخال نفسك لا تستطيع؟ أنت مخطئ فتلك الطاقة التي تصرفها بسبب أحزانك وكآبتك تستطيع أن تصرفها في سعادتك ولو قليلًا.
يا صديقي خذها من الآخر،
الحياة لن تكون كما تشتهي بل كما تشتهي هي فكن ذكيًا وخض حربك بحلوها ومرها وكن هنا وهناك حتى يأتي الأجل.