استراتيجيات المضي قدمًا مقال للكاتبة نعمة علي ، ليس عليك إنهاك نفسك فيما لست موكلًا به ولست مخولًا للمراقبة والتحري الخلق للخالق ، والخالق وحده هو المحاسب
استراتيجيات المضي قدمًا
بقلم نعمة علي
يختلط علينا الأمر كثيرًا عندما نبحث عن طرق للتعايش مع محيطنا ومجتمعاتنا بل وفي الأسرة ذاتها.
فكيف تستطيع أن تكون مسالمًا متعايشًا ومتسامحًا ومرتاح البال مع من هم حولك؟
ما الحل النهائي لمشاكلك العالقة مع الآخرين؟
ما الطريقة المثلى للتخلص من كل ما يثقل ضميرك دون أن تصيب أحدهما عاطفيًا أو جسديًا؟
أولا قبل البحث عن اجابات في سطور المقال عليك أنت تعلم بأنك تقرأ مقالًا فحسب ليس بالضرورة أن تتفق معي لكن بعض مما سأقوله هنا سيكون حلول بسيطة يمكنها مساعدتك من أجل أشياء كنت تسرها في نفسك.
يحزنني أن أقول هذه الكلمات في أغلب مقالاتي لما أجده من نقاشات عقيمة لا يمكنها أن تخرج رأيًا أو حلًا، هي فقط متلازمة (يتحتم عليَ الاعتراض حتى وأن لم أكن متأكدًا مما أقوله).
كدت أسهو عن صلب الموضوع، ولكن لنعود إليه فأقول:
الاستراتيجية الأولى:
كل أمرئٍ هو حر فيما يعتقد ويراه مناسبًا وملائمًا لتوجهاته وطريقة عيشه ، فليس عليك إنهاك نفسك فيما لست موكلًا به ولست مخولًا للمراقبة والتحري الخلق للخالق ، والخالق وحده هو المحاسب والمجزئ.
فمما يجعل الإنسان مثير للشفقة هو أن لا يدع أحدًا يمر دون أن يلاحظ ويأخذ عليه مآخذ لا حصر لها، مع العلم أنه مليء بما هو سيئ وأكثر، لكنه لا يرَ سوى سوءة غيره.
سلامة المرء تكون في سلامة لسانه، وسلامة اللسان لا يملكها إلا سليم العقل والقلب، معافى الفكر والنفس.
الاستراتيجية الثانية:
التعايش مع الأغبياء هو محاولة لخلق فرص للأمراض النفسية والبدنية.
أقصد إذا كنت تحاول التعايش مع الغبي وأنت تملك طرق كثيرة لفض ذلك التعايش المبني على الصبر النافد مذ زمنٍ بعيد، فمحاولة التعايش مع الغبي لها أضرار جسيمة لا يمكن حصرها، لذا لست مضطرًا للتعايش مع الغبي بل عليك أن تنسى ذلك تماما إذا ما كنت محبًا للسلام والهدوء والسكينة.
والأغبياء أنواعًا وأصنافًا كثيرة، لكن أكثر ما يجب أن تفر منه هو الغبي الذي يؤول الأمور في غير مواضعها، وينصب فخًا من التذاكي ليوقع بمن هو أذكي وأحذق!!
والأكثر غباء منه هو من يناقشك في مشكلةٍ فرعية والجميع منهكون من أجل ايجاد حلٍ لمشكلة أساسية بحلها تنتهي كل المشاكل الفرعية والأساسية، الظاهرة والباطنة.
أما الغبي الأخر فهو من يظن أن كل معرفة مكتسبة أو البحث وراء العلم والفائدة هو مضيعة للوقت والجهد!! صدقا هناك من يظن أن القراءة أبسط وسائل المعرفة هي اضاعة للوقت فيما لا ينفع !! يا للعجب كم أن هذا النوع من الأغبياء مخيفٌ حد الرعب. حسنا إذا لم تكن محبا للقراءة فعلى الأقل كف عن التحدث بغباء لكيلا تجعل من نفسك أضحوكة.
لنخرج من معضلة الغباء فالأمر يصيبني بالغثيان ولنتحدث عن الاستراتيجية الثالثة:
ليست كل الكلمات مقصودة وإن كانت مقصودة فهي تحتمل أوجه كثيرة لذا ليس بالضرورة أن تأخذ الأمر على محمل الجد في اللحظة ذاتها، تريث وتأكد قبل الاقدام على أمور تجهل عاقبتها.
لن يكون الأمر هينًا لكنه ليس بالمستحيل أيضا.
كل ما تحتاج إليه هو تفعيل دور الجزء الأيسر من دماغك لتولد الفرضيات المختلفة قبل اصدار الأحكام النهائية.
فطرح القضية بعدة أوجه تخلق الفرص لإيجاد خيارات مناسبة يمكنها حل المشكلة نهائيا دون اجهاد ك واضاعة وقتك.
الاستراتيجية الرابعة:
افعل ما تراه مناسبا، افعل ما يريح بالك؛ لأنك وحدك المسؤول عن نفسك لا أحد سيتحمل تبعات ما تفعله ولا ما تريد القيام به تأكد قبل الاقدام ثم اعقد العزم وأمضِ.
انشغالك في البحث عن سبل عديدة لنيل رضى الناس ومحبتهم ما هو إلا ضربٌ من الجنون فرضى الناس غاية لا تدرك كما يقال ولست مضطرا لإرضاء أحد، ما دام الامر يتعلق بك وحدك بقراراتك، بقناعتك، بخياراتك، فلماذا البحث عن الدواء في الداء أصلا؟!!.
كثيرون هم من بذلوا الجهد لابتغاء مرضاة الناس غافلين عن حق أنفسهم عليهم، غير مدركين بفخ تلك المعضلة، معضلة التغافل عن الذات وما يريحها، فكن على أهبة الاستعداد من أجل الاقلاع عن كل تلك الطرق السلبية للعيش وافعل ما يحلو لك دون ضرر أو ضرار موقنًا بأن لنفسك عليك حق مدركًا أن الآخرين لا يمهم سوى أنفسهم فاللهم نفسي، نفسي.
الاستراتيجية الخامسة:
السعادة أهم غاية للإنسان، فممنا لم يبحث عنها بشتى الوسائل، بغض النظر عن ما تخلفه تلك السعادة سواءً كانت لحظية أم دائمة، لست أقصد في هذا تشاؤمًا أو حثًا على الزهد حاشى لله وأنا أكثركم متعة بما أملك من وسائل يسيرة متواضعة تجعلني سعيدة وشاعرة بالطمأنينة والسكينة.
إليك أشياء يمكنها الترويح عن نفسك قليلًا ويمكنها أيضا أن تجعلك هادئ البال:
1-لا تتصفح هاتفك عند استيقاظك مباشرةً دعه فوقتك طويل وسيسمح لك بفعل ما تريد.
2- إذا كنت غير محبًا للتمارين الرياضية صباحًا فكوب من القهوة وقطعة شوكولا يمكنها منحك طاقةً وسعادة كافيتين طوال يومك.
3-كل الأمور ستأخذ مجراها حتى وإن تغير مسارها فذلك هو طريقها الصحيح وإن لم تعتد عليه، استرخ وراقب دون تدخل.
4-من يبادلك ابتسامة بادله ابتسامة وقبلة، ومن يبادلك تكشيرة بادله ابتسامة وتجاهلا.
5-الإستعاذة من الشيطان البشري واجبة وحق من حقوق نفسك، فما أن يعترض طريقك شيطانًا ففر من المكان مطهرًا نفسك وقلبك وعقلك.
6-القراءة يمكنها نقلك من زمن إلى آخر ومن مكان إلى مكان، أي أنها سفرٌ دائم فلا تحرم نفسك من متعة القراءة ولا حب المعرفة والاطلاع، فرواية واحدة يمكنها أخذك بعيدًا عن عالمك الروتيني الممل، وديوان من الشعر يمكنه تنقية ذائقتك وثقافتك وترطيب لسانك وتهذيب كلماتك، والقراءة في الفن يمكنها منحك أملًا لا حدود له، والعلم يستطيع أخبارك بما لم تجد له جوابًا، أما التاريخ فيمكنه تصحيح مسارك، وشتى المجالات و العلوم الأخرى يمكنها انقاذك من براثن الجهل والغفلة. القراءة يا صديقي هي سحر العقول والقلوب فهنيئا للمسحورين بالقراءة وحب المعرفة.
7-العزلة يمكنها تطهيرك من شوائب الاختلاط وشحناته السلبية، فخذ لنفسك عزلة تنقي فيها روحك، وإذا كنت وحيدًا أساسًا فأختلط بمن تراه قريبا منك وإذا لم تجد قريبًا وهذا نادر فأذهب بعيدًا في نزهة ذاتية لا تفكير فيها بسوى متعتك وراحتك سافر، تعرف إلى أناسًا حقيقيين، أو حتى اذهب في مغامرة ولإضفاء مزيد من المتعة خذ معك كل جوارحك واشعر بكل شيء ولأي شيء.
الاستراتيجية السادسة والأخيرة:
اعرف ما تريد ثم قم بالأمر وبثقة وتحدٍ حقيقي، لا تهمل عملك ولا تقدمه نصف مكتمل، ولا تكن مبتذلًا، فكل ما في هذا العالم يبدو عاديًا مالم تضع بصمتك عليه، اصنع الثقة وكن على قدر من المسؤولية، الناس يشعرون بالخذلان من كثرة المخادعين والمماطلين، فعلى الأقل كن أملًا تنقذ نفسًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.
وأخيرًا مننا من لن يبحث عن سكينة نفسه؟ لا أحد حتى أشقى الأشقياء يبحثون عن السلام والراحة، لكن لا أحد يجدها ما لم يؤمن بها ما لم يؤمن بسر هذه الحياة وحكمة وجوده وأصله الحقيقي، الأمر ليس عسيرًا بيد أنه بحاجة للهدوء من أجل الوصول إلى الغاية المنشودة لنا جميعا.
Be the first to comment on "استراتيجيات المضي قدمًا"