كورونا بين إدارة الأزمة والحرب النفسية وتحديات التاريخ 1\2 مقال للكاتب فؤاد الكنجي، إن التحدي الذي تواجه دول العالم في إدارة الأزمة لجائحة (كورونا) تحديات حقيقية؛
كورونا بين إدارة الأزمة والحرب النفسية وتحديات التاريخ 1\2
فواد الكنجي
إن التحدي الذي تواجه دول العالم في إدارة الأزمة لجائحة (كورونا) تحديات حقيقية؛
كون (الجائحة) تأتي وعالمنا على محك لا يحسد عليه مع اتساع ركعة الجريمة المنظمة وعنف الإرهاب والصراعات والاضطرابات السياسية والاقتصادية؛
لتضاف إليهم تفاقم الأوضاع الاجتماعية في ظل تفشي الوباء وانتشاره الغير المسبوقة من حيث سعة نطاقه العالمي وحجم تأثيراته النفسية والسلوكية على المجتمعات؛
وبما يسود من إحباط وشعور نفسي مضطرب للإنسان الذي بات يشعر بخطر غير مرئي لفيروس ينتشر في كل مكان؛
والذي لا يستهدف أي شخص بعينه وإنما يستهدف الكل بشكل عشوائي مدمر وقاتل لا يستكين في حدود ولا يعرف الحدود،
وهذا ما يترتب عنه تداعيات اجتماعية ونفسية وسلوكية تقود البشرية إلى تفكيك بنيته الاجتماعية مع الأزمة الناجمة عن هذا الوباء الذي لم يسبق أن شهدت البشرية مثيلا له من حيث سرعة انتشاره وسعة نطاقه وحجم ضحاياه في التاريخ المعاصر .
نتائج سيئة
فنتائجه السيئة جاءت كارثية فاقت قدرة العالم في مواجهته؛
وبرهنت عن عجز دول العالم بكل ما تملكه من تكنولوجيات متطورة وقدرات صناعية هائلة وتقنيات وأبحاث علمية من إيجاد حلول فورية للحد من انتشار الأمراض المعدية ومنها فيروس (كورونا)؛ هذا الوباء الذي يغزو اليوم مدن العالم؛
ليضع قادة العالم أمام تحديات تاريخية بين إدارة تداعيات هذه الأزمة على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي،
وتعزيز ثقة المواطن في بناء مستقبله لتفاديه للأزمة السلوكية والنفسية التي تتركها هذه (الجائحة) في نفسية الإنسان؛
وهو يمضي في ظل سراب مجهول لا يعرف إلى أين يقود واجهته، لان الضغط النفسي في هذه الصدمة سيكبر مثل كرة الثلج وهي تتدحرج في هذه الجائحة؛
ما لم يرافق مساعي حثيثة من مراكز الأبحاث الطبية والعلمية؛
التي تواصل أعمالها البحثية في المختبرات لإيجاد علاج لهذا الفيروس الوبائي القاتل؛
مع مراكز العلاج النفسي من إيجاد وسائل نفسية لتخفيف آثارها على الأفراد. بعد أن أصبح هذا الفيروس (كوفيد 19 – كورونا) كابوسا يطارد جميع الإفراد وهم لا يعرفون متى مداه ينتهي، وهو تحدي إذ فشلوا في إيجاد حلول ناجعة وسريعة لتقليل عدد الضحايا والحد من انتشاره؛
فان من اخطر تداعيات هذا الموقف هو اشتعال العالم إلى ما لا يحمد عقابه؛
في ظل أزمة ستكسر كل قواعد القيم والقوانين والأعراف، لان لمواجهة الموت ستكون كل السبل والوسائل؛ متاحة ومفتوحة أمام الإنسان المحاصر بالموت؛
عسى يجد طريق الخلاص والفرار من جحيم الذي يحيط حوله .
التعاون لوضع رؤية شاملة
ومن هنا فان قادة العالم عليهم التيقن بأنهم ليس لهم سوى التعاون لوضع رؤية شاملة لمواجهة هذه الأزمة إداريا وعلى كل المستويات؛
لان الضرورة تتحتم محاور دولية تتجاوز حدود هذه الدولة أو تلك،
لان الوباء لا يمكن القضاء علية بمحض جهد وطني بل بجهود وطنية دولية ومن خلال تبادل المعلومات والاستقصاء عن أعراض ومسببات ومن خلال بحوث علمية مشتركة وبتعاون دولي لمواجهة تداعيات الوباء محليا وعالميا وعلى مستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي .
انتشار في ظروف خاصة
لان لانتشار هذه (الجائحة) ظروف خاصة؛
لم تأتي نتيجة ظروف طبيعية خارج إرادة الإنسان؛
بل إن كل المؤشرات تشير بكون هذا الوباء جاء نتيجة تفشي فيروس كان في طور التصنيع ضمن نطاق أبحاث (بيولوجية) كان تجرى لتغيير جينات الفيروس لاستخدامه ضمن نطق (الحرب البيولوجية) و(سباق التسلح) ولكن لأخطاء تقنية بحتة فقد السيطرة علية فتم تسربه وأدى ما أدى بتفش هذا الوباء إلى كل أنحاء العالم؛
ليحصد أرواح ألاف الأبرياء وملاين إصابات من دون إن يمهد تفشي الوباء لهؤلاء الباحثين في مجال الفيروسات للبحث عن ما يحد ويفشل قدرات تفشي الفيروس في الوقت الحاضر،
لان جل جهودهم كانت تصب أثناء أبحاثهم ضمن نطاق توجهات الدولة المصنعة في تطوير جينات هذا الفيروس لاستخدامه ضمن نطاق سباق التسلح عبر استحداث سلاح (بيولوجي) يكون أكثر فتكا وتدميرا من الأسلحة النووية والتقليدية؛
لخلق حالة من الوتر النفسي في المجتمعات وإحباط معنوياتهم نفسيا وسلوكيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا قبل إن يتم شن حرب شامله على الهدف بريا وبحريا وجويا كأسلوب حديث للحرب الشاملة تبدأ بكسر معنويات الشعب وسلب إرادتهم ليتم احتوائهم دون قتال مباشر .
حروب نفسية
ولهذا فان أسلوب المعاصر للحروب القادمة والتي تتبناه الدول المتقدمة تنطلق ابتداء بـ(حروب نفسية) كشكل من أشكال (حرب المعنويات) لتدمير كيان المجتمع نفسيا وسلوكيا واجتماعيا كجزء من إستراتيجية تسبق التدخل العسكري لإحباط معنويات الإنسان للإسراع للرضوخ والاستسلام،
بعد إن يتم بمنهجية مشيطنة قتل روح المعنوية لكل الفئات وشرائح المجتمع،
بشن حرب نفسية مدمرة على المجتمع والتي هي أشبه بـ(الإبادة الجماعية للبشر) حيث الرعب والتوتر النفسي والقلق والإحباط؛
ليرى الإنسان واقعة وهو محاصر بالوباء غير مرائي ولا يعرف كيف يتفاداه، يسير وهو مطوق برائحة الموت لوباء ينتشر هنا وهناك في الشوارع والأزقة وفي القرى والمدن؛
والكل في الحجر الصحي في غرف البيوت أو المستشفيات؛ والكل في طوابير مراكز التسوق؛ والكل خائف حتى من دفن موتى الوباء ليبقوا بدون دفن .
خطوة باتجاه الحرب
واضن إن ما يشهده عالمنا المفجوع بهذه الكارثة الوبائية القاتلة للجائحة (كورونا) يأتي ضمن هذا السياق،
بمعنى إن هناك حرب قادمة – لا محال – وان ما يحدث اليوم في عالمنا ما هو خطوة بهذا الاتجاه،
ولهذا فإننا اليوم ندخل خطوة باتجاه (الحرب الشاملة) والتي بدأت استراتيجيها بـ(حرب نفسية) واسعة النطاق عبر توسيع نطاق انتشار فيروس (كورونا) وبأهداف محددة وهي تحطيم وإحباط معنويات الإنسان؛
ومن ثم أحداث ارتباك سياسي واقتصادي وعسكري؛ ليتم سواء لهذا الجانب أو ذاك؛
تشويش على معلومات الاستخبارات الدولية والخداع والتظليل وعلى كل المستويات السرية والعلنية؛ محليا وإقليميا ودوليا؛
لتشكيل رأيا بالاستعانة داخليا بـ(الطابور الخامس) لكسب المعركة بشكل خاطف وسريع كجزء من إستراتيجية الحرب المقبلة؛
التي توظف جميع ظروف لإجبار الأخر الذي اعد لهذا الجانب أو ذاك عدوا؛
على التنازل والاستسلام عن مطالبه بعد مرحلة ما بعد انتشار الوباء عالميا وبعد إن تتم فرض أجندة وأداء مهام المنفذ على أكمل وجه على الشعوب و دول العالم،
بعد إن تكون (الحرب النفسية) قد أخذت مأخذها ليس بحدود هذه الدولة أو تلك؛
بل في عموم العالم بعد المرحلة الصعبة التي مرت وتمر على حياة البشر؛
وهي مرحلة تم فرضها (إجباريا) لمحيط كل البشرية ليتم الولوج إلى مرحلة الانهيار وخلق الفوضى والمعاناة؛
التي أمدها وفق إستراتيجية التي تم التخطيط لها وإقرارها مسبقا انطلاقا من (حرب فيروسي) يكون بمثابة (حرب كونية بجائحة – كورونا) تصيب كل مجتمعات الأرض بصدمات نفسية لتلاقي انهيارها في أول اصطدام عسكري يقودها قادة – اقل ما يمكن وصفهم بكونهم أناس مصابين بأمراض سادية – يقودونها بقسوة وعدم المبالاة ضد الإنسانية؛
بعد إن تكون كل الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مرتبكة و مؤوسسات الدول في حالة شلل تام وعجز مطلق،
بما يرافق ذلك من اتساع ركعة البطالة والفقر وأمراض وأوبئة في المجتمعات البشرية،
وكل ذلك يكون ممهدات قبل وأثناء وما بعد عجز النظام الصحي وإرباك منظومة الاقتصادية والسياسية وتعطيل دور الشركات والمصانع والتربية والتعليم وانهيار القيم المجتمعية بين افرد المجتمع الواحد والمجتمعات العالم؛
بعد إن يتم فرض الحجر المنزلي والتباعد الاجتماعي الذي سيؤثر على المجتمع لفترة طويلة،
وبما يصاحبه من إمراض نفسية مزمنة من حيث الانطواء والانعزال والاكتئاب والقلق لتتفاقم تدريجيا هذه الأزمات النفسية بشكل اخطر في سلوكية الفرد والمجتمع؛ بعد مرحلة الركود والانهيار،
ليكون الكل في مواجهة فوضى خلاقة تلازم وعي الإنسان لفترة ليست بالقصيرة،
ليشكل هذا الواقع نمطا سلوكيا متوترا لإعاقة عودة الحياة بشكلها الطبيعي الذي يعتمد على مدى جهوزية الدول في إدارة الأزمة ومواجهة هذه التداعيات الخطرة؛
من حيث مواكبة ومتابعة تطورت مرحلة ما قبل وأثناء وبعد الأزمة ليتم معالجة واتخاذ لإجراءات الأزمة لإنقاذ الإنسان من هذه المحنة وتوعيته في كيفية التعامل مع جائحة (كورونا) قبل فوات الأوان ودخول المجتمعات في أزمات حقيقية نفسيا وسلوكيا وتربويا تكون أصعب واشد وقعا على المجتمعات البشرية،
لان لا محال ستكون تداعيات على طبيعة العلاقات الدولية والسياسية والاقتصادية والمالية والتحالفات الدولية اقوي تأثيرا لحجم الانهيار التي تصيب هذه المؤسسات،
لان الكل سينشغل في كيفية ترميم ما تم هدمة في بنية المجتمع وفي كيفية إعادة بناء ما تم تدميره في هذه الحرب المميتة،
التي بدأت بحرب (بيولوجية) وبما أشعلته من حرب نفسية قاتلة في نفوس البشرية؛
بعد إن تم تغيير لعبة (الحرب الكونية الشاملة) بتكنولوجيا التلاعب في جينات الفيروسات قاتلة ومدمرة وإشعال فتيلة الحرب بها؛
لإحداث تغييرات شاملة في طبيعة الحروب التقليدية؛
بعد إن يتم شل طاقم القوات المسلحة بتفشي الوباء بين صفوف أفراد القوات المسلحة؛
فتشل قوة الطائرات الحربية والأساطيل البحرية وحاملات الطائرات والصواريخ والأسلحة النووية والدبابات والمدفعية عن مواجهة خطر تفشي الوباء (كورونا) بشكل مباشر،
ليتحول دور الجيوش النظامية في متابعة التعبئة العامة وخطط الطوارئ والمحافظة على النظام العام بعد إن يكون (الطاقم الطبي) من أطباء وممرضات وصيادلة وعلماء وخبراء وباحثين في مجال الفيروسات وسبل المناعة والوقاية؛
في الجبهات الأمامية لمواجهة عدو غير مرئي،
لان إستراتيجية الدفاع والمواجهة ستبنى وفق هذا القياس في (الحرب البيولوجية)،
في وقت الذي كما لاحظنا في كل دول العالم دون استثناء – إلا التي أعدت لهذا الحرب مسبقا وسيتم التعرف عليها لا محال – عاجلا أم أجلا – بان هناك عجز تام في بنية المنظومة الصحية وتقنياتها وصناعتها لكل دول العالم بعدم قدرتها في مواجهة هذه (الجائحة)،
لتكشف هذه الحقيقة زيف ادعاءات (القوى الصناعية) لتسقط أسطورة صناعتهم في أول اختبار حقيقي واجهته منظومة (العولمة) و(الليبرالية) و(الرأسمالية) التي تغنوا بها على كل المستويات؛
لتكون مؤسسات الصحية أول إعلان لفشل هذه النظم ضمن إستراتيجية القوى الصناعية العملاقة التي أخفقت وفشلت في مواجهة أخطار الحروب (البيولوجية) الواسعة النطاق؛
كما يحدث اليوم في عالمنا،
لتكتشف مجتمعاتنا بعد حقبة من تخدير عقولها بهيمنة القوى الصناعية (الرأسمالية) ومفاهيم (العولمة) و(الليبرالية) على مقدرات الإنسان الإبداعية والفكرية الخلاقة التي واكبت وتواكب مفاهيم الإنسانية النبيلة؛
بان ما يعيشه الإنسان في عالمنا ليس مجرد أزمة صحية فحسب؛
بل أمرها يتعدى إلى إبعاد أخرى أكثر خطورة منها؛ كشفت هذه (الجائحة) عن قناعها المزيف بان هناك أزمة إدارية وسلوكية،
و فشل ذريع في إدارة الأزمة بما أعقب تفشي الوباء من إخفاء معلومات عن الرأي العام وعدم مبالاة بالخطر الذي هدد حياة البشرية على كوكبنا؛
بعد إن عجزت وانهارت النظم الصحية في أكثر بلدان العالم تطورا وتقدما صناعيا وتكنولوجيا ورأسمالية؛
عن اتخاذ ما يلزم من تدابير وقائية ناجعة في بداية تفشي الوباء لتقليل آثارها السلبية،
في وقت الذي جاء تفشي هذا الوباء لفيروس (كورونا) في عصر اعد قياسا لكل مراحل التاريخ السابقة؛
عصر ازدهار حضاري وتطور كبير لقوى الصناعة والتكنولوجيا والرأسمالية ومن الارتقاء الإنساني العالمي إلى ابعد حدود ولم يسبق له مثيل،
ولكن برهن إخفاقه وفشله في أول مواجهة حقيقية لتفشي الوباء .