فلنكن على جادتهم وإن أبطأنا المسير مقال للكاتبة الأستاذة نورة بنت عبدالرحمن الكثير مقال في الحث على الاقتداء بسير الأبطال
فلنكن على جادتهم وإن أبطأنا المسير
نورة بنت عبدالرحمن الكثير
عندما ألقى (تيودورهرتزل) خطابه في مؤتمر بازل بسويسرا، تحدث عن حقه في قيام دولته اليهودية
وعرض – وهو متيقن ومطمئن من تحقيق حلمه – تصميماً مبدئياً للعلم ومجهزاً بكل ثقة النشيد الوطني لدولته المنتظرة!
وعلى إثر خطابه استجابت القوى الكبرى وساعدته على تحقيق ما يصبو إليه!
هل كان يدرك هذا الصحفي اليهودي وهو يُلقي خطابه أمام أعضاء المؤتمر أن هذه الخطوة ستكون السبيل إلى تحقيق حلمه المنتظر؟
الإجابة بكل تأكيد: نعم.
حلم دفع ثمنه باهظاً مئات الآلاف من الأبرياء الذين هُجروا وشُردوا وطُردوا من وطنهم!.
إن هذه الهمة التي نهضت بشخص لتحقيق حلمه بقيام دولته بغير وجه حق لهي بمثابة أدنى درجات الهمة لشخص يسعى لاسترداد أرضه بكامل حقوقه المشروعة!
شَتَّانَ بَينَ النَّاسِ فِي أَهدَافِهِم
شَتَّانَ بَينَ عَصاً وبين َحُسَامِ
نعم… شتان بين همتهم من أجل دنيا فانية يصيبونها وبين همة من أجل الآخرة،
تلك همة لم يخلو منها رجال ونساء وصبية أسلافنا الصالحين،
فمِن علو همة نور الدين الزنكي أنه أعد منبراً للمسجد الأقصى قبل أن تُحرر القدس من سطوة النصارى بعشرين عاماً…
هل كان يدرك هذا القائد أن هذه الخطوة هي بداية لانتصارات مؤزرة؟ بالتأكيد: نعم.
فقد توفي نور الدين الزنكي مسلِّماً الراية تلميذَه صلاح الدين الأيوبي
ليكمل ما بدأه معلمه ويحرر القدس ويضع منبر نور الدين في مكانه في المسجد الأقصى.
وهاهو القائد العثماني (محمد الفاتح) كان وهو صغير يتأمل أسوار (القسطنطينية) عاصمة الإمبراطورية الرومانية ويردد:
غداً سأفتح أسوارك المنيعة وفتَحَها وهو في العشرين من عمره رحمه الله.
وعندما أرسل يزدجرد ملك الفرس يستنجد بملك الصين، وذكر له المسلمين وبعض أوصافهم فقال:
لا ينامون بالليل ولا يأكلون بالنهار، شعث رؤوسهم بالية ثيابهم.
فأجابه ملك الصين إنه يمكنني أن أبعث إليك جيشاً أوله في منابت الزيتون يعني: في الشام، وآخره في الصين.
ولكن إن كان هؤلاء القوم كما تقول، فإنه لا يقوم لهم أهل الأرض،
فأرى لك أن تصالحهم، وتعيش في ظلهم، وتأمن في عدلهم….
تلك صور ونماذج تجعلنا نقف عندها طويلاً فنعيد حساباتنا تجاه مواقفنا وما فاتنا إدراكه فلن يفوتنا تداركه..
تشبهوا إن لم تكونوا مثلهمُ
إن التشبه بالكرام فلاحُ
فلنشعل فتيل الهمة في أبنائنا بتربيتهم وحثهم عليها ونذكرهم بالاقتداء بهدي خير أمة أخرجت للناس
ولنرتقِ ونصعد إلى مستواهم الذي لم تعرف البشرية له نظيراً ولا مثيلاً،
وسيغير الله ما بِنا وفق ما تاقت إليه نفوسنا وانساقت إليه أعمالنا وحالنا سيتحول بلا ريب من بؤس ومهانة إلى عزة ومكانة،
فاستعادة أمجاد أمتنا رهن تحول أحوالنا من سكون وركون وخنوع إلى حركة ونهوض تتلوها بركاته ورحماته بإذن الله…
أما آن لنفس كفت عن الشر أن تتحرك للخير،
أما آن لها أن تنشغل بالحق قبل أن يَشغلها الباطل، فلنكن على جادتهم وإن أبطأنا المسير.
نورة بنت عبدالرحمن الكثير