المستهلك ضحيّة … وماذا بعد ؟! مقال للكاتبة Elissa Outa هل سيبقى قانون حماية المستهلك حبراً على ورق و في الاطار المحصور بالتطّبيق الشّكلي؟
المستهلك ضحيّة … وماذا بعد ؟!
Elissa Outa
لنفترض أن ليس كل فرد هو منتج فسوف نسلّم بالمقابل ان كل الأفراد هم مستهلكين.
حيث كل منّا، أفراد ومنظّمات ، يسعى لاشباع حاجاته وتحقيق المنافع باختلاف الاهداف.
فالمستهلك، كما يُعرف، هو الطرف الأضعف في المعادلة الاقتصادية
ولطالما تعرّض للغشّ و التدليس و الاستغلال وكل انواع التعسّف المادّي والمعنوي،
ما حرمه من حقوقه كانسان ومستهلك.
ولقد بات المطلب الأوّل للمنشأة الاقتصادية : كسب رضا المستهلك .
اذ يحتلّ هذا الأخير مكانة مهمّة في القطاع الاقتصادي،
ويرجع السبب في ذلك الى أنّه العنصر المستهدف في تقديم المنتجات له بما يتماشى مع احتياجاته الشّخصيّة.
وانطلاقاً من هذه الأهميّة التي يحظى بها المستهلك، فقد ادّى ذلك الى تسليط الضّوء على كيفيّة الشراء
والاجابة عن مجموعة من الأسئلة تتمثّل بماذا؟
منّ؟
أين؟
ولماذا؟
فبالرّغم من صدور تشريعات وقوانين هادفة لحماية المستهلك ،
الا انّ المستهلك اللبناني ما زال يعاني من التّعسّف بكل أشكاله مع تخلّف في مستوى المنظمات و المؤسسات التي تتولّى مهمّة حمايته،
ممّا شكّل عائقاً أمام التنمية.
ولكن هذا لا يعني لا توجد اصوات تنادي بحقوق المستهلك و ضرورة حمايته
و تعمل في المجال ضمن اطار الدّولة اومنظّمات المجتمع المدني …
و لكنّها لا تتناسب مع حجم التشوّه والاستغلال الذي يتعرّض له المستهلك ماديّاً وصحيّاً ونفسيّاً.
ولعلّ السؤال الذي يقتضي الاجابة عليه : هل سيبقى قانون حماية المستهلك حبراً على ورق و في الاطار المحصور بالتطّبيق الشّكلي؟
وهل سيبقى المواطن أسير جهله لحقوقه التي تعتبر من البديهيّات ؟
تكمن اهميّة تطبيق قانون حماية المستهلك الى تحديد القواعد العامّة التي ترعى حماية المستهلك وصحّة وسلامة السّلع و الخدمات و جودتها.
ففي ظلّ التقدّم التكنولوجي و العولمة وبروز موضة “الاعلانات الكاذبة”،
اصبح المستهلك رهينة الغشّ و الاستغلال و الاعلان الخادع لعدم حصوله على المنتج وفق مواصفات الجودة و السّلامة.
بيدَ ان السّبب وراء عدم تطبيق هذا القانون بشفافيّة،هو بقاؤه محلّ تجاذب،
تحكمه المصالح الاقتصادية التي تتبدّى بطابع سياسي.
فالتبجّح بحماية المستهلك و في المقابل،اعطاء الاهميّة للتّاجر او المحترف هو بمثابة اعلان برّاق”لبضاعة فاسدة”
كونها تنطوي على هدف يرمي الى حماية مصالح التّجار والسّياسيين المتنفّذين معاً على حساب الطرف الجدير بالحماية و هو المستهلك.
وتبرز ايضاً اهميّة تطبيق هذا القانون ،عند وجود خطأ في المنتج ،
اذ يقع وفقاً لقانون حماية المستهلك ،عبء الاثبات على عاتق المحترف ،
خلافاً على ما نص عليه القانون المدني، حيث يكون على المستهلك اثبات وجود الخطأ .
فكيف لمستهلك لا خبرة له ان يثبت خطأ محترف!!!
ان غياب الرّقابة الفاعلة على التّجار و المحترفين من قبل اجهزة ينخر فيها الفساد و تدخّل السياسيين نتيجة يقينهم بعدم مساءلتهم دستورياً و قانونيّاً
و انجرار المواطن وراء اهوائهم حتّى يمنّوا عليه بأبسط حقوقه
التي هي في الأصل حقّ مقرّر قانوناً و ليس منحة من السّاسة ،
ادّى الى فشل ذريع في تحقيق الغاية المرجوة من وضع قانون حماية المستهلك.
اننا ننتقد ليس لمجرّد الانتقاد بل لوضع حلول حقيقيّة و شفّافة توصل لتطبيق هذا القانون بطريقة صحيحة و قانونيّة
ومن هذه الحلول، اعتماد الرّقابة الفاعلة عن طريق الحدّ من سلطة السّياسيين التدخّليّة
و اجبار التّجار على تنفيذ مقتضيات القانون من حيث انتاج السلعة و جودتها و سعرها .
اضافةً الى اصدار المراسيم التطبيقيّة ذات صلة بقانون حماية المستهلك خاصة لجهة تفعيل دور المجلس الوطني لحماية المستهلك
و تبسيط الاجراءات الآيلة الى توقيع العقوبة و تنفيذها في حال حصول المخالفة .
امّا فيما يخصّ المستهلك، فعلى الدّولة بناء استراتيجيّة وطنية لحمايتة في ظلّ السّعي نحو مجتمع متوازن
مع نشر الوعي الاستهلاكي بصورة مستمرّة من خلال الزام الوسائل الاعلانيّة والاعلاميّة بأن تخصّص مساحة اعلانيّة و اعلاميّة يوميّة ،
لتعريف المستهلك على حقوقه و لتجعل منه طرفاً فعّالاً في المعادلة الاقتصادية.
وبالمحصّلة، فانّ هذا الموضوع يُعدّ ذا بُعد قانوني واقتصادي واجتماعي هامّ ،
خاصةً في ظلّ هذا التحوّل العالمي الكبير من الشراء في السّوق العادي الى التسوّق الالكتروني
الذي نمارسه يوميّاً عبر المجال الافتراضي و لا نعرف ماذا بعد…؟
مقال مهام يسلط الضوء على موضوع مهم يعاني منه المستهلك . على أمل ان تصل هذه الصرخة للجهات المعنية من أجل حمايتنا كمستهلكين من كافة أوجه الفساد و الاحتيال و الدجل . هنيئاً لجرأة الكاتبة اليسا على معاجة هذا الموضوع معالجة وافية واضحة ❤👑
اننا نثمّن عالياً هذا التحليل لواقع قانون المستهلك، والكلّ يعلم ان المستهلك بحاجة إلى المزيد والمزيد من الحماية امام شراسة التهديدات لحقوقه المشروعة. فمن المؤكد أن المستهلك قد غدا الطرف الاضعف في كل معادلة تضعه في وجه المنتج، خصوصاً مع تطوّر وسائل الانتاج والتسويق والبيع.
لذا لا بدّ من تطوير هذه الحماية وفقاً لتطوّر إلاوضاع الاقتصادية. على سبيل المثال لا الحصر، فقد أصبح المستهلك في قطاع التسليف والقروض فريسة سهلة في براثن المؤسسات المالية التي تسعى بدايةً الى تحفيز المستهلك على الاقتراض بشتى الوسائل، فترهق كاهله بالديون، ويصبح عاجزاً عن ايفائها، ثمّ تقع الواقعه ويتمّ الحجز على ما يملك ثمّ يُجرّد من ملكيته. لذا لا بدّ من العمل على تسليح المستهلك بوسائل دفاع فاعلة في وجه هذه الهجمة، فيُقرّ له مثلاً بحق العدول، في فترة زمنية معقولة، عن الالتزامات التي قد يوقّعها على حين غرّة، وان بدأ ذلك احياناً مخالفًاً للمبدأ الذي يقضي بالزامية تنفيذ العقود المبرمة، اذ يجب إعادة ترتيب الأولويات، فتغدو حماية الطرف الأضعف في العقد أولوية على تطبيق الأثر الإلزامي للعقود. وهذا غيض من فيض ما يجب أن يكون، مقارنةً مع ما هو كائن. والله وليّ التوفيق. وكلّ التقدير لللآنسة اليسا عوطه على هذا العمل الذي سلط الضوء على الكثير من مكامن الخلل في التعاطي مع حقوق المستهلك.
حسن طعان دندش
شكرا دكتور حسن ..👍💗