العادة تبطل الدهشة مقال للكاتبة د. نيرمين البورنو ، عن تأثير الفقر على الأطفال وحرمانهم الحقوق، وكيف أصبح الشيء غير العادي … عادي جدا
العادة تبطل الدهشة
د .نيرمين ماجد البورنو
أكثر ما يؤلم في الحياة أن يصبح الشيء غير العادي … عادي جدا,
أطفال تنام بلا مأوى بدون فراش يخفف قسوة صلابة الأرض عن جسدها النحيل ,
فيضعون حجاراً لتقي رؤوسهم من سخونة وبرودة وخشونة الأرض ,
وأطفال يباتون فوق ركام بيتهم المدمر ؛
وأطفال مشردة من الجوع والفقر والبؤس والحرب ؛
وأطفال يموتون تحت الثلج ,
وأطفال يركبون مركب من الفلين فوق بركة ماء تعلو سطحها القمامة ,
وأطفال تنبش بالقمامة لكي تأكل ؛
فلقد بتنا نشاهد صور تذرف العيون دمعاً ,
صور تهز الضمير الإنساني كلما شاهدناها فهل صدق المثل الشعبي العادة تبطل الدهشة حقا !!!!
وهل قلوب البشر باتت أقسي من الحجارة ؛
فلربما الحجر يرأف أكثر ويحن حين يتوسده هذا الطفل !!!لا تكاد تخلو أرصفة الشوارع من الأطفال الفقراء النائمين على الأرصفة يوما بعد يوم ؛
أطفال يعلو صوت الحرمان والفقد المنبثق من مساكنهم العشوائية والمنازل والغرف المتهالكة والبدائية والتي تغيب عنها أبسط مقومات الحياة ,
وأرصفة الشوارع والتي أصبحت مأوي لهم ,
أطفال كبروا عن أعمارهم الحقيقية وأصبحوا مسئولين عن توفير معيشتهم مما أجبرهم لترك الدراسة و للعمل في مهن قاسية ولساعات طويلة
كل ذلك بسبب الفقر المدقع والحروب التي عملت على زيادة معاناتهم وتزايد أعدادهم في الشوارع ؛
فالبرد أنهش أجسادهم الصغيرة فهم لا يمتلكون بطانيات تقيهم من البرد القارس وأصبح خيارهم الوحيد هو تجميع الأخشاب والحطب يوقدون بها النيران للطبخ والتدفئة ,
أطفال يصارعون أمعاءهم الخاوية بأجسادهم التي أنهكها البرد ,
والغريب انه لم تعد تلك المناظر تحرك مشاعر الناظرين والمارين ,
والأغرب من ذلك كم المساعدات والمعونات والمشاريع التي تسعي للحد من تلك الظاهرة أين تذهب؟؟؟
ومناشدات المنظمات والجمعيات وحقوق الانسان والتي تحتفل بيوم الطفل العالمي بكل عام ماذا ترصد ؟؟
والصور والفيديوهات التي تلتقط للفقراء والمتشردين في أي أرشيف تحفظ ؟؟؟
فقراء الأطفال
لا أحد يستطيع أن ينكر بان الكثير من المدن في العالم تعاني من الفقر،
حتى في كل دول العالم تجد طبقة تسمى الفقراء،
ولكن أكثر الناس وجعا بالفقر هم الأطفال الذين ينشئون على القليل من الغذاء أو نعيم الحياة فقط لأن أهلهم في خط الفقر,
فالفقر قد يدفع الى زيادة عمالة الاطفال ويدفع الي الانحراف والجريمة وتعرض الاطفال للابتزاز والتحرش والتنمر وسرقة اعضائهم لكي يتم بيعها ,
واستغلالهم أبشع استغلال ,
وتعرضهم للأمراض المعدية والأوبئة الصحية التي تهدد سلامة وصحة الملايين من الأطفال كل عام،
لاسيما الفقراء في الدول المتأخرة بسبب عجزهم المادي عن المعالجة!!!
أفما آن الأوان لتتحرك الدول ومنظمات حقوق الانسان والتي من المفترض أن تتكفل برعاية الأسر والأطفال الاكثر فقراً ؛
والعمل على توفير الاحتياجات الاساسية لهم حتى لا يتم استغلال الفقراء والمحتاجين في أعمال تدفعهم للإجرام ,
وتساعد هؤلاء الأطفال المتسولين والمتشردين والذين ينامون بجوارهم كلاب وقطط الشوارع والتي أضحت ظاهرة مألوفة لدي البعض ,
لكني اتساءل بألم كبير وشديد ترى كم من طفل متشرد يعيش في العراء هذا البرد القارس بدون مأوي وبدون طعام ونحن لا ندري ,
وهل بالفعل العادة أبطلت الدهشة لدي البعض !!!
Be the first to comment on "العادة تبطل الدهشة"