لماذا يصورون ممارساتهم الحميمة ؟ مقال للكاتبة أ. زينب علي البحراني تطرقت فيه لهذا السلوك وأضراره مع الاستشهاد ببعض الوقائع والحوادث المتعلقة به
لماذا يصورون ممارساتهم الحميمة ؟
زينب علي البحراني
انتشار الهواتف المحمولة ذات المميزات التقنية الذكية بين أيدي الناس جعل أكثرهم يتصرف معها بحذرٍ أقل مما تستحق،
ويتعامل مع مميزاتها بعبثية وعشوائية قد تؤدي إلى مخاطر تضر بحياته الشخصية والاجتماعية دون وعي.
لقد صار الناس يصورون وينشرون أي شيء غير ملتفتين إلى أن بعض تلك الصور تنتهك حُرمة الآخرين وحُرمة أنفسهم أحيانًا، وتُلقي بهم في هاوية الهلاك،
وهذا ما حدث للاعب كرة القدم البرازيلي الشاب “دانييل كوريا فيرتاس” عام 2018م.
عُثر على جُثة اللاعب ذي الأربع وعشرين عامًا في إحدى الغابات بعد أن تم تعذيب صاحبها،
وقطع عضوه التناسلي ورأسه.
مرَّت أيام قبل أن يعترف رجل الأعمال “إيدسون بريتيس” أنه قتله في لحظة غضب حين وجده يُحاول اغتصاب زوجته،
إلا أن مُحادثات اللاعب مع أصدقائه عبر تطبيق واتساب على هاتفه المحمول أثبتت أن للقضية بُعدًا آخر،
إذ كشفت محادثة بينه وبين أحد أولئك الأصدقاء عن أكثر من صور التقطها لنفسه وهو مستلقيًا بجانب زوجة قاتله “بريتيس” على سريرٍ واحد،
بينما كانت هي غارقة في النوم غير عالمة بأمر التقاطه تلك الصور،
وكان يتباهى خلال محادثته الهاتفية تلك بالعلاقة التي يقيمها مع السيدة الشابة الجميلة،
لتكون تلك آخر المُحادثات عبر هاتفه قبل أن يلقى مصرعه.
عام 2019م تم القبض على أحد نجوم موسيقى البوب في كوريا الجنوبية لأنه نشر أكثر من فيديو لعلاقاته الجنسية عبر إحدى مجموعات الدردشة الإلكترونية،
حيث نُقل مُكبلاً إلى مركز الشرطة، ورفضت المحكمة الإفراج عنه بكفالة،
ولم يكفه اعتذاره أمام المحكمة بقوله: ”أنا آسف، ارتكبت خطأ جسيمًا وغير مبرر، وأنا أعترف بأنني مذنب“،
ثم اضطر للانسحاب من الساحة الفنية الكورية والاعتزال بسبب الفضيحة التي طالته في المجتمع الكوري الرافض لهذا السلوك رغم أنه لم يتجاوز عامه الثلاثين من عمره.
السرية والخصوصية
لماذا يسعى البعض لتوثيق ممارساتهم الجنسية بالصور أو الفيديو أحيانًا عبر هواتفهم المحمولة؟
البعض يفعلها بهدف ابتزاز الطرف الآخر إن كان ينوي تجاهه نوايا سيئة،
لكن بعضهم يرتكبون هذا السلوك حتى خلال علاقاتهم في وراء أبواب غرف نومهم المغلقة مع زوجاتهم أمهات أطفالهم،
وحين يضيع الهاتف المحمول أو يُسرق ويتم ابتزازهم بتلك الصور أو المقاطع المصورة يتصرفون وكأنهم ضحايا!
وأن ليس من حق الذي استولى عليها نشرها هنا وهناك،
وكأنهم لا يستوعبون أن تصويرهم إياها هو السلوك غير الطبيعي،
إذ يُفترض بالإنسان إحاطة علاقاته الحميمة بالسرية والخصوصية سواءً كان متزوجًا به أم غير متزوج،
لأن أي تسرب لتلك الصور يسيء إليه قبل أن يسيء للشخص الظاهر معه في الفيديو أو الصورة،
كما أن هذا النوع من العلاقات بين أي اثنين تستحق أن تكون لها مكانة خاصة بعيدة عن النشر الخاص أو العام،
وأن ينشغل المرء بها في وقتها انشغالاً يُنسيه ارتباطه بهاتفه المحمول خلال فترة الممارسة على أقل تقدير.
الهاتف المحمول هو عنصر مُساند لحياة الإنسان،
وليس كل حياة الإنسان كي يوثق به أدق أسرار حياته الخاصة وشؤونه العاطفية التي يجدر بها أن تكون في حدود إطارها المُقدس البعيد عن التسجيل أو التصوير،
وكون الإنسان يملك هاتفًا محمولاً لا يعني أن يتعامل معه ببلاهةٍ وكأنه واقعًا تحت وطأة التخدير،
بل يجب أن يتعامل معه بوعي قادر على التمييز بين “الخاص” و”العام” كي لا يعض بنان الندم.
زينب علي البحراني
Be the first to comment on "لماذا يصورون ممارساتهم الحميمة ؟"