الشباب المحمدي للشيخ محمد البشير الإبراهيمي

الشباب المحمدي مقال ممتع يضم بين أسطره دعوة جميلة للصلح بين الشباب و الشيوخ وبأسلوبه الأدبي الرفيع الشيخ محمد البشير الإبراهيمي يوجه نداءاً للشباب المحمدي مختصراً رحلة الحياة السريعة بين شباب و شيوخ
المقال موجز في 578 كلمة مع الحاشية و 41 فقرة يستغرق ثلاث دقائق للقراءة

الشباب المحمدي للشيخ محمد البشير الإبراهيمي

محمد البشير الإبراهيمي
محمد البشير الإبراهيمي

الشباب المحمدي (1) للشيخ #محمد_البشير_الإبراهيمي (2)

الشباب في كل أمّة هم الدم الجديد الضامن لحياتها واستمرار وجودها،

وهم الامتداد الصحيح لتاريخها،

وهم الورثة الحافظون لمآثرها، وهم المصحّحون لأغلاطها وأوضاعها المنحرفة،

وهم الحاملون لخصائصها إلى من بعدهم من الأجيال.

كنا شباباً فلما شِبْنا تلفَّتنا إلى الماضي حنينًا إلى الشبيبة، فرأينا أن الشباب هو الحياة التي لا يُدْرِك قيمتها إلاَّ من فارقها،

ورأينا أخطاء الشباب من حيث لا يمكن تداركها وسيصبح شباب اليوم شيوخ الغد، فيشعرون بما نشعر به نحن اليوم.

وليت شعري إذا كان شيوخ اليوم هم شباب الأمس، وشبابُ اليوم هم شيوخ الغد فعلام هذه الشكوى المترددة بين الفريقين؟

وهذا التلاوم المتبادل بين الحبيبين؟ يشكو الشيوخ نزق الشباب وعقوقهم ونزواتهم الكافرة،

ويشكو الشباب بطء الشيوخ، وترددهم، وتراجعهم إلى الوراء، ونظرتهم إلى الحياة نظرةَ الارتياب.

مَهْلاً أيُّها المتقاربان المتباعدان، فليس التفاوت بينكما كسبيًا يعالج،

وليس النزاع بينكما علميًا يحكم فيه الدليل، ولكنَّه سنّة وتطوّر.

كنَّا حيث أنتم، وستصبحون حيث نحن بلا لوم ولا عتاب؛ هما مرحلتان في الحياة، ثم لا ثالثة لهما طويناهما كرهاً، وستطوونهما كرهاً،

والحياة قصيرة وهي أقصر من أن نُقَطِّعها في لوم، أو نقطعها بنوم.

ليحرص الشباب على أن يكونوا كمالاً في أمّتهم لا نقصًا، وأن يكونوا زيناً لها لا شينًا،

وأن يضيفوا إلى تليد مكارمها طريفًا، وإلى قديم محاسنها جديداً، وأن يمحوا كل سيئة لسلفهم بحسنة.

والشباب المحمّدي أحقّ شباب الأمم بالسبق إلى الحياة، والأخذ بأسباب القوة؛

لأنَّ لهم من دينهم حافزاً إلى ذلك، ولهم في دينهم على كل مكرمة دليل، ولهم في تاريخهم على كل دعوى في الفخار شاهد.

أُعيذ الشباب المحمدي أَنْ يُشْغِل وقته في تعداد ما اقترفه آباؤه من سيئات، أو في الافتخار بما عملوه من حسنات،

بل يبني فوق ما بنى المحسنون، وليتق عثرات المسيئين.

وأُعيذه أن ينام في الزمان اليقظان، أو يهزل والدهر جادّ، أو يرضى بالدون من منازل الحياة.

يا شباب الإسلام، وصيتي إليكم أَنْ تتصلوا بالله تديُّناً، وبنبيّكم اتِّباعاً، وبالإسلام عملاً، وبتاريخ أجدادكم اطِّلاعاً، وبآداب دينكم تخلُّقاً، وبآداب لغتكم استعمالاً، وبإخوانكم في الإسلام وِلداتكم(2)في الشبيبة اعتناءاً، واهتمامًا،

فإن فعلتم حزتم من الحياة الحظ الجليل، ومن ثواب الله الأجر الجزيل، وفاءت عليكم الدنيا بظلها الظليل.

الهوامش

____________________

(1) نشرت في مجلة (المسلمون) السنة الثالثة عدد9 ذو القعدة 1373هـ

وهي في آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي، وقد كتبها في مكّة المكرمة في 1 صفر الخير 1372هـ..

(2) هو الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي ولد عند طلوع الشمس من يوم الخميس الثالث عشر من شهر شوال عام 1306 هـ، وتوفي عام 1385هـ.

وهبه الله حافظة خارقة، وذاكرة عجيبة تشهدان بصدق ما يحكى عن السلف، وكانتا معينتين له في العلم في سن مبكرة.

تلقى التعليم في بيت أسرته، وقام على تربيته وتعليمه عمُّه الشيخ محمد المكي الإبراهيمي الذي كان علامة زمانه في العربية.

بدأ في حفظ القرآن والتعليم في الثالثة من عمره وأتقن القرآن حفظاً في السابعة من عمره،

وحفظ كثيراً من المتون في مختلف الفنون، وحفظ العديد من الدواوين الشعرية، وكان يحفظ من سماع واحد.

كان من أبرز علماء الجزائر، ومن طليعة المجاهدين للاستعمار، والدجل، والبدع، والخرافات.

وكان من الشجعان المغاوير، وكان في طليعة العاملين على إحياء العلوم الدينية والعربية في الجزائر.

ويرجع الفضل _ بعد الله _ إليه وإلى الشيخ عبد الحميد بن باديس في تكوين جمعية العلماء في الجزائر.

وكان شديد العناية بأمور المسلمين وقضاياهم، كان خطيباً مِصْقَعَاً، وشاعراً مُفْلِقَاً، وكاتباً بارعاً.

وقد خلف آثاراً جمعت تحت مسمى ( آثار الشيخ محمد البشير الإبراهيمي)،

ثم جمعها وأعاد صياغتها ابنه د. أحمد طالب الإبراهيمي في خمس مجلدات ، وسماها: آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي.

_انظر ترجمته وافية في ثنايا المجلدات بأقلام متعددة، كما أنه ترجم لنفسه فيها.

وقد ترجمتُ له في كتابي =الصداقة بين العلماء.

(2) لداتكم: أقرانكم.

#المقالات_المختارة

#مقالات_في_الشباب

#محمد_البشير_الإبراهيمي

المكتبة العربية الكبرى

Be the first to comment on "الشباب المحمدي للشيخ محمد البشير الإبراهيمي"

تعليقك يثري الموضوع